السوق السعودي

السوق السعودي، هذا العملاق المالي النابض بالحياة، يمثل نقطة التقاء فريدة للاستثمار والنمو في الشرق الأوسط، حيث تشكّل تداول، الهيكل الأساسي لهذا السوق، منصة حيوية تعكس بوضوح الديناميكيات الاقتصادية للمملكة، ففي خضم التقلبات العالمية، يصبح فهم ماهية السوق السعودي تداول أمرًا لا غنى عنه، إلى جانب تحليل العوامل الاقتصادية المؤثرة التي تحرك مؤشراته وتشكّل مساراته الاستثمارية، إذ سنتعمق عبر هذا المقال في استعراض أهم القطاعات الرئيسية التي تُبنى عليها قوة هذا السوق المالي، ونسلط الضوء على الفرص الكامنة والتحديات المنتظرة.

مقدمة عن السوق السعودي

السوق السعودي، الذي يُعرف رسميًا باسم تداول السعودية Tadawul Saudi Arabia، هو أكبر وأهم سوق مالي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وثاني أكبر سوق بين نظرائه في الأسواق الناشئة عالميًا. تأسست شركة السوق المالية السعودية تداول كشركةٍ مساهمة بموجب قرار مجلس الوزراء في 19 مارس 2007م (الموافق 29 صفر 1428هـ)، وذلك تنفيذًا لنظام السوق المالية.

تداول هي الجهة الوحيدة المصرح لها بالعمل كسوق للأوراق المالية في المملكة، وتُعد قلب هذا النظام المالي. لا تقتصر أهمية السوق على حجمه الهائل فحسب، بل تُعزى أيضًا إلى دوره المحوري في تحقيق أهداف رؤية السعودية 2030 الرامية إلى تنويع مصادر الدخل بعيدًا عن النفط وتعزيز دور القطاع الخاص. وبفضل الإدراجات الضخمة وتطبيق أفضل المعايير الدولية، استطاع السوق أن يجذب سيولة واستثمارات أجنبية ضخمة، مما جعله مؤشرًا رئيسيًا على صحة الاقتصاد السعودي وقاطرة للنمو الاقتصادي في المنطقة بأسرها.

هيئة السوق المالية ودورها

تعد هيئة السوق المالية السعودية CMA هي الهيئة التنظيمية لأسواق رأس المال في المملكة، وتلعب دور الحارس لضمان بيئة استثمارية سليمة وجاذبة؛ إذ تتمثل مهمتها الأساسية في تنظيم وتطوير السوق، وحماية المستثمرين، وضمان العدالة والكفاءة والشفافية في كافة المعاملات.

  • تطوير القواعد: وضع الأطر واللوائح التنظيمية اللازمة لتحسين بيئة السوق وتوفير مناخ استثماري مثالي.
  • حماية المتعاملين: حماية المستثمرين من الممارسات المضللة أو غير القانونية ومعاقبة المتورطين فيها.
  • إرساء النزاهة والوضوح: ضمان تعاملات عادلة وفعالة مع التأكيد على التزام الشركات بالإفصاح الكامل والشفاف.
  • الإشراف على التداول: متابعة عمليات إدراج الأوراق المالية ومراقبة كافة أنشطة التداول للتأكد من التقيد بالأنظمة.
  • قيادة النمو المستقبلي: رسم المسارات الاستراتيجية لتوسيع السوق، كتعميق سوق الدين وتحسين إدارة الأصول.
  • بناء الكفاءات: التركيز على تدريب وتطوير الكوادر البشرية المؤهلة لدعم استمرارية تحقيق أهداف الهيئة.

لماذا يهم المستثمرون المحليون والأجانب؟

يولي المستثمرون، سواء المحليون أو الأجانب، أهمية قصوى للسوق السعودي لعدة دوافع استراتيجية واقتصادية متكاملة. بالنسبة للمستثمرين المحليين، يُعد السوق وعاءً رئيسيًا لتنمية الثروات وتحقيق عوائد مالية مجزية، بالإضافة إلى كونه قناة استثمارية للاستثمارات السيادية الكبرى مثل صندوق الاستثمارات العامة التي تسعى لتنويع أصول الدولة وتعظيمها.

أما المستثمرون الأجانب، فإلى جانب العوائد المرتفعة المحتملة، ينجذبون لحجم السوق الهائل، وعمقه، والجهود المستمرة لـتحسين الحوكمة والشفافية، مما يمنحهم وصولًا مباشرًا إلى المشاريع العملاقة المرتبطة بـرؤية المملكة، وبالتالي، يشكل السوق منصة استراتيجية للنمو في أكبر اقتصاد بالمنطقة.

مؤشرات السوق السعودي

تعد المؤشرات هي البوصلة التي تقيس أداء السوق بشكل عام أو أداء قطاعاته الفرعية، وتعتمد في حسابها على أسعار أسهم الشركات المدرجة وأوزانها السوقية لتعطي صورة واضحة لحالة التداول والاتجاه العام للاستثمار.

مؤشر السوق السعودي (تاسي TASI)

مؤشر تاسي (TASI) هو المؤشر الرئيسي والأكثر تمثيلاً لأداء السوق المالي السعودي، حيث يعكس حركة أسعار جميع الشركات المدرجة في السوق الرئيسي ويُعد مرجعاً أساسياً للمستثمرين المحليين والعالميين. يُستخدم هذا المؤشر لتتبع اتجاه الاقتصاد السعودي ككل نظراً لشموليته ووزنه الإقليمي، كما يعتبر المعيار الذي تُقارن به معظم صناديق الاستثمار أدائها في المملكة. هو المقياس الذي يستمد منه المستثمرون ثقتهم في السوق ويعكس مدى نجاح الجهود الحكومية لتنويع الاقتصاد.

مؤشر السوق الموازية (نمو Nomu)

مؤشر نمو (Nomu) هو المؤشر المخصص لتتبع أداء الشركات المدرجة في السوق الموازية (نمو)، التي تتسم بحجم رأسمال أصغر ومتطلبات إدراج أكثر مرونة من السوق الرئيسي. نظراً لتركيز "نمو" على الشركات الصغيرة والمتوسطة الواعدة، فإن المؤشر يتميز بتقلبات أعلى ومخاطر أكبر مقارنة بمؤشر تاسي، إلا أنه يتيح للمستثمرين المؤهلين فرصة الاستثمار في شركات ذات إمكانات نمو سريعة. يمثل هذا المؤشر مقياساً حيوياً لنجاح استراتيجية المملكة في دعم ريادة الأعمال وتنمية قطاع الشركات الصغيرة والمتوسطة.

الفروق بين السوق الرئيسي وسوق نمو

يقدّم السوق السعودي منصتين رئيسيتين للتداول تلبيان احتياجات وأنواع مختلفة من الشركات والمستثمرين: السوق الرئيسي وسوق نمو - السوق الموازي. تُعد الأسهم والصناديق المتداولة (ETFs) والصكوك والسندات هي المنتجات المالية الرئيسية المتوفرة للتداول في كلتا المنصتين، لكن الفروق الجوهرية تكمن في متطلبات الإدراج ومستوى المخاطر.

السوق الرئيسي مخصص للشركات الكبيرة والراسخة ذات السجل التشغيلي الطويل، بينما تم تصميم سوق نمو ليكون بمثابة حاضنة للشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم التي تسعى للتوسع ولكن بمتطلبات إدراج أكثر مرونة ومخاطر أعلى، مما يجعله أكثر ملاءمة للمستثمرين المؤهلين ذوي الخبرة.

المعيارالسوق الرئيسيسوق نمو
متطلبات القيدمتطلبات صارمة كحد أدنى 200 مساهم، حد أدنى للقيمة السوقية، سجل مالي محددمتطلبات أكثر مرونة كحد أدنى 50 مساهمًا من المستثمرين المؤهلين
المخاطرمخاطر أقل نسبيًا؛ سيولة أعلى وإفصاح أكثر عمقًامخاطر أعلى؛ سيولة أقل وتركيز على الشركات الناشئة/النامية.
الجمهور المستهدفجميع فئات المستثمرين مؤسسات وأفرادالمستثمرون المؤهلون ذوو الخبرة والملاءة المالية

القطاعات الرئيسية في سوق "تداول"

تتنوع القطاعات المدرجة في السوق السعودي بشكل كبير لتعكس حجم الاقتصاد الوطني وتنوعه، ويحتوي كل قطاع على شركات قيادية تمثل ركيزة للاستثمار وتجذب رؤوس الأموال المحلية والأجنبية.

الطاقة والبتروكيماويات السعودي

يعد هذا القطاع هو الأكبر من حيث القيمة السوقية، ويمثل الشريان الحيوي للاقتصاد بفضل ارتباطه الوثيق بأسعار النفط العالمية وعمليات التكرير والإنتاج.

  • أرامكو السعودية 2222: أكبر شركة طاقة متكاملة في العالم، ومحرك رئيسي للسوق وتوزيعات أرباحها مستقرة.
  • سابك 2010: رائدة عالميًا في قطاع البتروكيماويات والكيماويات المتخصصة، وتعتبر مقياسًا للصناعات التحويلية.
  • لوبريف 2223: شركة عالمية في إنتاج زيوت الأساس عالية الجودة، وتُظهر نتائج مالية قوية ونموًا.
  • الحفر العربية 2381: متخصصة في خدمات الحفر للنفط والغاز، وتستفيد من توسع الإنفاق في قطاع الطاقة.

البنوك والاتصالات في السعودية

قطاع البنوك هو عصب التمويل والخدمات المالية، بينما قطاع الاتصالات يقود التحول الرقمي تماشيًا مع رؤية المملكة:

  • مصرف الراجحي 1120: أكبر بنك إسلامي في العالم، يتميز بانتشاره الواسع ونمو أنشطته التمويلية.
  • البنك الأهلي السعودي 1180: أكبر كيان مصرفي في المملكة، يتمتع بقاعدة أصول ضخمة ونشاط ائتماني متنامٍ.
  • الاتصالات السعودية STC 7010: الشركة الرائدة في خدمات الاتصالات والحلول الرقمية وتعد سهمًا قياديًا.
  • موبايلي 7020: ثاني أكبر مشغل لشبكات الاتصالات، ويستفيد من زيادة الطلب على البيانات والخدمات السحابية.

العقار والإنشاءات والصناعات الأخرى

يشمل هذا القطاع شركات التطوير العقاري والمواد الأساسية (كالإسمنت) وشركات الصناعات المتنوعة:

  • جبل عمر 4200: شركة تطوير عقاري عملاقة تركز على المشاريع الكبرى بالقرب من الحرمين الشريفين.
  • مكتبة جرير 4190: من الشركات الرائدة في قطاع التجزئة، وتتميز بتوزيعات أرباح منتظمة ونمو في المبيعات.
  • أسمنت القصيم 3040: من كبرى شركات الإسمنت، وتستفيد من المشاريع الإنشائية الضخمة في المملكة.
  • المراعي 2280: الشركة الرائدة في قطاع الأغذية والمشروبات، وتتمتع بمركز قوي ومبيعات واسعة إقليميًا.

العوامل الاقتصادية المؤثرة على السوق

يتأثر أداء السوق السعودي بشكل مباشر بمجموعة من العوامل الاقتصادية الكلية الداخلية والخارجية، والتي تُشكل معًا البيئة التي يعمل فيها المستثمرون وتتحدد بناءً عليها مسارات الأسعار والسيولة في السوق.

أسعار النفط والاقتصاد الكلي

تظل أسعار النفط العالمية العامل الأشد تأثيرًا على السوق السعودي، نظرًا لاعتماد ميزانية الدولة وإيراداتها بشكل رئيسي على القطاع النفطي. عندما ترتفع أسعار النفط، تتحسن الإيرادات الحكومية مما يؤدي إلى زيادة الإنفاق على المشاريع التنموية، وهذا بدوره ينعكس إيجابًا على أرباح الشركات المدرجة وثقة المستثمرين. كما أن المؤشرات الكلية الأخرى، مثل معدلات التضخم والبطالة والنمو الاقتصادي، تلعب دورًا هامًا في تحديد مدى قوة الإنفاق الاستهلاكي والربحية المتوقعة للقطاعات غير النفطية.

السياسات الحكومية و"رؤية 2030"

تُعد السياسات الحكومية وخاصة المبادرات المرتبطة برؤية السعودية 2030، من أهم المحركات طويلة الأجل للسوق المالي، كونها تهدف إلى تنويع الاقتصاد وتقليل الاعتماد على النفط. تعمل هذه الرؤية على تحفيز الاستثمار في قطاعات جديدة كالسياحة والتقنية والترفيه، وتطلق مشاريع ضخمة تزيد من جاذبية السوق للأموال الأجنبية، كما أن القرارات المتعلقة بالخصخصة والإصلاحات التنظيمية تساهم بشكل مباشر في تحسين بيئة الأعمال وزيادة إدراجات الشركات الجديدة.

من يتداول في السوق السعودي وكيف؟

يتداول في السوق السعودي شرائح متنوعة من المستثمرين، ويأتي في مقدمتهم المستثمرون المحليون، الذين يشملون الأفراد السعوديين، والشركات والصناديق الاستثمارية التابعة للحكومة مثل صندوق الاستثمارات العامة والبنوك المحلية. يليهم شريحة المستثمرين الأجانب المؤهلين  والمؤسسات المالية الدولية التي سُمح لها بالدخول تدريجيًا لتعميق السوق، بالإضافة إلى المستثمرين الخليجيين عبر اتفاقيات التداول المشترك.

يتم التداول في السوق عبر قنوات إلكترونية ومنظمة، حيث يجب على المستثمر فتح محفظة استثمارية لدى إحدى شركات التداول االمرخصة من هيئة السوق المالية والبنوك. بعد ذلك، يقوم المستثمر بتقديم أوامر البيع والشراء عبر منصات التداول الإلكترونية أو تطبيقات الهاتف المحمول، ويتم تنفيذ الأوامر داخل منصة تداول وفقًا لآليات العرض والطلب السائدة في السوق، ضمن إطارٍ زمني منظم ومحدد.

المستثمرون المحليون مقابل الأجانب

يشارك في السوق السعودي فئتان رئيسيتان من المستثمرين، لكل منهما دوافعه وأهدافه الاستثمارية، مما يسهم في تعميق السيولة وتنوع قاعدة الملكية في السوق.

الميزةالمستثمرون المحليونالمستثمرون الأجانب
الدوافع الأساسيةتنمية الثروات، إدارة الأصول السيادية مثل صندوق الاستثمارات العامةالبحث عن عوائد مرتفعة، الاستفادة من النمو في رؤية 2030
سهولة الوصولوصول مباشر وكامل لكافة الأدوات والقطاعاتوصول عبر قنوات محددة، ويشمل المؤسسات الكبرى المرخصة
تأثيرهم على السوقالمصدر الأكبر للسيولة اليومية ومعيار لثقة الأفراديساهمون في الارتباط بالأسواق العالمية ورفع مستويات الحوكمة

أدوات التداول في السوق السعودي

يوفر السوق السعودي مجموعة متنوعة من الأدوات المالية التي تسمح للمستثمرين بتنويع محافظهم وتحقيق أهدافهم الاستثمارية المختلفة، سواء كانوا يبحثون عن الملكية أو الدخل أو التحوط.

  • الأسهم: تمثل الأسهم حصص ملكية في الشركات المدرجة، وتتيح للمستثمر المشاركة في أرباح الشركة وقراراتها.
  • الصناديق الاستثمارية: تتيح تجميع رؤوس أموال العديد من المستثمرين لإدارتها بشكل احترافي في محفظة متنوعة من الأصول.
  • الصكوك والسندات: أدوات دين تتيح للمستثمر إقراض الجهة المصدرة (عادة الحكومة أو الشركات) مقابل عوائد دورية وثابتة.
  • صناديق المؤشرات المتداولة ETFs: منتجات مالية تتداول في السوق كالسهم وتمثل سلة من الأصول أو مؤشرًا معينًا، مما يوفر تنويعًا منخفض التكلفة.
الكاتب
admin review
محمد الهزاني
محمد الهزاني يتمتع بخبرة طويلة في كتابة المحتوى المتخصص بالأسواق المالية وشركات التداول، ويقدّم تحليلات عميقة تغطي الجوانب الفنية والتشغيلية لشركات الوساطة.

اﻷﺳﺌﻠﺔ اﻟﺸﺎﺋﻌﺔ

السوق السعودي، المتمثل في تداول، هو أكبر سوق مالي في المنطقة ويعمل كمنصة منظمة لإدراج وتداول الأوراق المالية، حيث يتم تنفيذ أوامر البيع والشراء بشكل إلكتروني عبر الوسطاء وفقًا لآليات العرض والطلب.

نعم، يمكن للأجانب الاستثمار في السوق السعودي بشكلٍ مباشر من خلال برنامج المستثمرين الأجانب المؤهلين، أو بشكل غير مباشر عبر الصناديق الاستثمارية العالمية والمحلية المتاحة.

تعتبر قطاعات الطاقة والبتروكيماويات والبنوك والخدمات المالية الأفضل نظرًا لضخامتها واستقرارها، بالإضافة إلى القطاعات المرتبطة بـرؤية 2030 مثل التقنية والسياحة والعقارات.

شارك بتعليق