حين تدخل عالم الفوركس، يواجهك مصطلح "السبريد" منذ اللحظة الأولى وكأنه يخبرك سر من أسرار السوق. يحدد السبريد، ذلك الفارق بين سعر الشراء والبيع، مقدار ما تدفعه فعليًا لبدء أي صفقة، ويؤثر بشكل مباشر على أرباحك وخسائرك. يدرك المتداول المحترف أن فهم أنواع السبريد، وطرق الحصول على أقل فارق ممكن، قد يصنع الفارق بين تداول مربح وآخر يلتهمه السوق سريعًا. في هذا المقال، نكشف خبايا السبريد وأنواعه، ونرشدك إلى استراتيجيات اختيار الوسيط المناسب لتحقيق أفضل النتائج.
يلعب السبريد دورًا أساسيًّا في عالم الفوركس لأنه يمثل الفارق بين سعر البيع وسعر الشراء، وهو العنصر الذي يحدد جزءًا كبيرًا من تكاليف التداول. يدرك المتداول أهميته لأنه يؤثر مباشرة على ربحه أو خسارته منذ اللحظة الأولى لفتح الصفقة.
يُعرَّف السبريد بأنه الفرق بين سعر العرض Bid وسعر الطلب Ask الذي يفرضه الوسيط على أزواج العملات أو الأدوات المالية الأخرى. يستخدم الوسطاء هذا الفرق كأحد مصادر دخلهم.
يؤثر السبريد مباشرة على نتيجة كل صفقة، إذ يبدأ المتداول الصفقة بخسارة مساوية لقيمة السبريد. كلما اتسع السبريد، زادت التكلفة وصعب تعويضها بالربح، خاصة في التداولات السريعة أو قصيرة المدى. أما عند انخفاض السبريد، فيقل العبء على الصفقة، ويُتاح تحقيق الأرباح بشكل أسرع.
يؤثر رأس المال على قدرة المتداول على تحمل السبريد، فصاحب رأس المال الكبير يستطيع فتح صفقات أكبر وتحمل فروق أسعار أعلى دون أن تتأثر حساباته بسرعة. أما المتداول برأس مال صغير، فيتأثر بشكل أكبر بأي زيادة في السبريد، مما يجعله بحاجة لاختيار أزواج عملات منخفضة السبريد لتقليل المخاطر.
تتعدد أنواع الحسابات التي تقدم فروق أسعار منخفضة للمتداولين، ويبرز منها نوعان رئيسيان يفضلهما المحترفون هما:
كلاهما يستهدف تقليل تكلفة التنفيذ وزيادة دقة التسعير، لكن لكل منهما طبيعة خاصة تناسب أنماط تداول مختلفة.
يُوفّر هذا النوع من الحسابات تسعيراً يبدأ من 0 نقطة على أزواج العملات الرئيسية، مما يمنح المتداول رؤية مباشرة للسعر الفعلي دون إضافة فارق كبير. ويعتمد بشكل أساسي على عمولات ثابتة مقابل التنفيذ، بدلاً من الربح من فرق السعر. وفيما يلي جدول لتبيان مميزات وعيوب حساب زيرو سبريد.
مميزات حساب زيرو سبريد | عيوب حساب زيرو سبريد |
دقة عالية في التسعير | عمولة منفصلة قد تكون مرتفعة |
مناسب للتداول قصير المدى (Scalping) | قد يقل توافر السبريد الصفري في أوقات السيولة المنخفضة |
سرعة تنفيذ عالية | يحتاج لرأس مال أكبر للاستفادة المثلى |
وضوح تكلفة التداول | قد لا يناسب المبتدئين لهيكليته المعقدة |
تعمل حسابات ECN على ربط المتداول مباشرة بمزودي السيولة والبنوك العالمية، مما يسمح بالحصول على أسعار سوق حقيقية بفروق أسعار شديدة الانخفاض، وأحياناً شبه معدومة.
في هذا النموذج، تمر أوامر التداول مباشرة إلى السوق دون تدخل الوسيط في التسعير، وهو ما يعزز الشفافية ويقلل من احتمالية إعادة التسعير. ومع ذلك، غالباً ما تُفرض عمولات على كل صفقة، ويحتاج المتداول لخبرة جيدة للتعامل مع تقلبات التنفيذ في أوقات الأخبار أو انخفاض السيولة.
يبحث المتداول الذكي دائماً عن خفض تكلفة تنفيذ الصفقات، ويعرف أن الوصول إلى سبريد منخفض يمكن أن يتم عبر طريقتين أساسيتين:
يتمكن بعض المتداولين من خفض السبريد عندما يتفاوضون مع الوسيط، خاصة في شركات صناع السوق التي تملك مرونة في تعديل هوامش التسعير. يحقق المتداول هذا الامتياز عادةً عند امتلاكه حجم تداول مرتفع أو سجل تعاملات طويل مع الشركة. في هذه الحالة، يمكن أن تمنح الشركة سعراً مميزاً أو عروضاً خاصة تجعل التكلفة الكلية أقل.
يستفيد المتداول من فروق الأسعار المنخفضة عندما يختار وسيط ECN عالي الكفاءة، إذ تمر الأوامر مباشرة إلى مزودي السيولة العالميين دون تدخل في التسعير. يقيّم المتداول هذه المنصات من خلال سرعة التنفيذ، واستقرار الاتصال، وشفافية عرض الأسعار، إضافة إلى حجم العمولة المضافة على كل صفقة. عند اختيار منصة ECN موثوقة، يتمكن المتداول من الجمع بين سبريد منخفض وأداء احترافي مستقر.
يعتمد وسيط الفوركس في تحقيق أرباحه على آليتين أساسيتين هما السبريد أو فرق السعر بين البيع والشراء. وعندما يخفض الوسيط فروق الأسعار إلى مستويات متدنية، فإنه غالباً يعوض ذلك بفرض رسوم ثابتة أو متغيرة أي عمولات على كل عملية تداول، لضمان استمرار نموذج عمله وتحقيق ربح مستدام.
يستبدل بعض الوسطاء أرباح السبريد بعمولات مباشرة تُفرض عند فتح الصفقة وإغلاقها، بحيث يدفع المتداول مبلغاً محدداً لكل عقد (لوت) يتم تداوله. يتيح هذا الأسلوب شفافية أكبر في حساب التكلفة، ويجعل فروق الأسعار أقرب إلى الأسعار الحقيقية في السوق. وغالباً ما يفضله المتداولون المحترفون لأنه يمنحهم رؤية دقيقة لتكلفة كل عملية دون مفاجآت غير محسوبة.
يُعد وسيط ECN الأقل من حيث فروق الأسعار، إذ يربط المتداول مباشرةً بالبنوك دون إضافة هوامش سعرية كبيرة. في هذا النموذج، تُعرض الأسعار كما هي في السوق العالمية، وتُضاف عمولة محددة مقابل تنفيذ الصفقات. وبفضل هذا الأسلوب ، يحصل المتداول على تسعير شفاف وتنفيذ سريع، مما يجعله الخيار المفضل لمن يبحث عن أقل سبريد ممكن مع أعلى درجات الاحترافية.
يعتمد الوسطاء في أسلوب تنفيذ الأوامر على نماذج مختلفة، أبرزها STP وECN. يتيح كلا النموذجين وصول المتداول إلى السوق دون تدخل مباشر من الوسيط في تسعير الأوامر، لكنهما يختلفان في طريقة الاتصال، وهيكل التكلفة، ومصادر السيولة. وفيما يلي جدول لتوضيح الفروقات بين هذين النموذجين لمساعدة المتداول على اختيار البيئة الأنسب لاستراتيجيته وأسلوب عمله.
وجه المقارنة | STP | ECN |
آلية التنفيذ | تمر الأوامر عبر مزودي سيولة محددين | تتصل الأوامر مباشرة بشبكة سيولة واسعة |
التسعير | أسعار من عدة بنوك لكن عبر وسيط | أسعار سوق حية ومتغيرة لحظياً |
السبريد | متغير وأحياناً مضاف إليه هامش | منخفض جداً أو شبه معدوم |
العمولة | مدمجة في السبريد غالباً | منفصلة وثابتة لكل عقد |
الشفافية | جيدة لكن أقل من ECN | عالية جداً مع عرض عمق السوق |
سرعة التنفيذ | سريعة في أوقات السيولة العالية | ثابتة وسريعة في أغلب الأوقات |
إعادة التسعير | ممكنة في أوقات التذبذب | نادرة جداً |
الفئة المستهدفة | المبتدئون والمتوسطون | المحترفون والمتداولون الكبار |
متطلبات الإيداع | منخفضة نسبياً | أعلى من STP |
تكلفة التداول الكلية | متوسطة | منخفضة على المدى الطويل |
صحيح أن السبريد المنخفض يعدُّ مغريًا للمتداولين الساعين لخفض التكاليف وزيادة هامش الربح، لكنه لا يلغي وجود مخاطر قد تؤثر على النتائج النهائية للتداول. في بيئة التداول سريعة الإيقاع، قد تؤدي بعض العوامل الفنية وسلوكيات التداول إلى تضخيم الخسائر حتى مع فروق أسعار ضئيلة، وسنتحدث عن أهم هذه العوامل.
يحدث الانزلاق السعري عندما يُنفَّذ الأمر بسعر مختلف عن المطلوب نتيجة تغير الأسعار بسرعة قبل وصول الأمر إلى السوق. يؤثر هذا الأمر بشكل ملحوظ على المتداولين الذين يعتمدون على المضاربة اليومية Scalping، إذ قد تتحول أرباح صغيرة متوقعة إلى خسائر مفاجئة. كلما زادت سرعة تحركات السوق، ارتفعت احتمالية الانزلاق، ما يتطلب اختيار وسيط بتنفيذ فائق السرعة وبنية تحتية قوية تقلل من هذا الأثر.
تضاعف الرافعة المالية القدرة على فتح صفقات أكبر من حجم رأس المال الفعلي، لكنها تضاعف كذلك حجم المخاطر. عندما يستخدم المتداول رافعة عالية مع شركات تقدم سبريد منخفض، قد تؤدي حركة بسيطة في السوق إلى خسائر كبيرة تتجاوز الإيداع الأولي. وعلى الرغم من إغراء تحقيق أرباح سريعة، يبقى ضبط حجم الرافعة واستخدامها بحذر هو العامل الفارق بين النجاح والفشل في المدى الطويل ولذلك غالبًا ما يتم وصف الرافعة المالية بكونها سلاح ذو حدّين.
حجم تداول شهري يقوق 4.5 تريليون دولار.