تلعب البورصات العالمية دورًا حيويًا في حركة الاقتصاد الحديث، إذ تُعد المحور الرئيسي لتداول الأصول المالية بين المستثمرين، سواء كانوا أفرادًا أو مؤسسات. ومن خلال هذه الأسواق المنظمة، يتم بيع وشراء الأسهم والسندات والعملات والسلع. ومع التطور التكنولوجي لم تعد البورصات حكرًا على فئة معينة أو دول محددة، بل أصبحت متاحة عالميًا، وتوفر فرصًا متساوية للمستثمرين في الشرق والغرب على حد سواء. في هذا المقال، نستعرض مفهوم بورصات التداول وآلية عملها، ونُلقي الضوء على أبرز البورصات حول العالم من حيث القيمة السوقية والتأثير الاقتصادي. كما نسلّط الضوء على كيفية الاستثمار في هذه الأسواق من داخل الوطن العربي، وأهم الانهيارات التاريخية التي مرت بها.
بورصات التداول هي المنصات التي يتم فيها تداول الأصول المالية المختلفة و هي سوق منظم تُعرض فيه الأصول المالية مثل الأسهم والسندات والسلع والعملات، ليتم بيعها وشراؤها بين المستثمرين. و تعمل بورصات التداول كوسيط بين البائع والمشتري، حيث توفر نظامًا إلكترونيًا لتنفيذ الصفقات بكل شفافية وتنظيم يشمل:
و مثال ذلك لو فرضنا أن مستثمر في السعودية أراد شراء سهم من شركة أرامكو فيدخل على منصة التداول مثل بورصة "تداول" و يحدد السعر والكمية و إذا تطابق طلبه مع بائع يعرض نفس السعر، تُنفذ الصفقة فورًا.
تلعب البورصة دورًا محوريًا في سوق المال الحديث، إذ تُعد منصة منظمة تجمع بين المستثمرين والشركات الباحثة عن التمويل. و من خلالها، يمكن للشركات إصدار أسهم و سندات لتمويل توسعاتها، بينما يُتاح للمستثمرين فرصة شراء هذه الأوراق المالية بهدف تحقيق أرباح مستقبلية. هذا التفاعل يسهم في دعم الاقتصاد من خلال تدوير رؤوس الأموال وتحفيز النمو.
تعتمد البورصة الحديثة على نظام دقيق قائم على الشفافية والإفصاح، حيث تُلزم الشركات المدرجة بالكشف المنتظم عن نتائجها المالية وأي معلومات جوهرية تؤثر على قيمة أوراقها المالية.
كما تُعد البورصة وسيلة فعالة لتحديد القيمة العادلة للأصول من خلال آلية العرض والطلب، ما يخلق بيئة تنافسية تسهم في تحسين كفاءة توزيع الموارد المالية. مما أتاح للمستثمرين الأفراد والمؤسسات فرصة أكبر للمشاركة النشطة في الاقتصاد عبر منصة واحدة منفتحة ومنظمة.
تعتبر البورصات العالمية من الركائز الأساسية التي تؤثر في الاقتصاد العالمي، حيث تُعد مراكز لتداول الأسهم والسندات والعملات والأصول المالية الأخرى. و من أبرز هذه البورصات:
يأتي الحديث في ما يلي على أكبر 10 بورصات للأوراق المالية في العالم بناء على قيمتها السوقية بالترتيب وذلك في شهر مارس من عام 2018 وهي:
تُعد بورصة نيويورك أكبر وأقدم بورصة في العالم، تأسست عام 1817، وتقع في قلب الحي المالي "وول ستريت" بمدينة نيويورك. تُدرج فيها أكثر من 2,000 شركة من مختلف القطاعات، ويصل إجمالي قيمتها السوقية إلى تريليونات الدولارات، ما يجعلها اللاعب الأساسي في الأسواق العالمية.
تستضيف هذه البورصة شركات ضخمة مثل آبل و إكسون موبيل و جولدمان ساكس وتُعد مرآة لحالة الاقتصاد الأمريكي. وتتميز أيضًا بنظام تداول يعتمد على مزيج من الأساليب اليدوية والإلكترونية، مما يمنحها مصداقية عالية لدى المستثمرين حول العالم.
تُعتبر ناسداك ثاني أكبر بورصة في الولايات المتحدة والعالم من حيث القيمة السوقية. تأسست بورصة ناسداك NASDAQ عام 1971، وكانت أول بورصة تعمل إلكترونيًا بشكل كامل، ما جعلها مفضلة لدى شركات التكنولوجيا الناشئة.
تضم شركات عملاقة مثل أمازون و مايكروسوفت و فيسبوك وتسلا، مما يجعلها المؤشر الأول لتتبع أداء قطاع التكنولوجيا العالمي. وتُعد ناسداك حاضنة للابتكار المالي، وتتمتع بسيولة مرتفعة ومرونة في عمليات الطرح العام الأولي IPO.
تقع بورصة طوكيو في قلب العاصمة اليابانية، وتُعد أهم سوق مالي في آسيا وثالث أكبر بورصة عالميًا. تضم كبرى الشركات اليابانية مثل تويوتا و ميتسوبيشي و هوندا و سوني، وتعكس تحركاتها الأداء الاقتصادي الياباني بدقة.
تلعب البورصة دورًا حاسمًا في جذب الاستثمارات الأجنبية نحو الاقتصاد الياباني، وهي مقسّمة إلى عدة مؤشرات أهمها نيكاي 225 الذي يُستخدم كمؤشر رئيسي للأسهم اليابانية.
تأسست بورصة شنغهاي عام 1990 في مركز المال والأعمال الصيني، وتُعد إحدى أكبر البورصات من حيث عدد الشركات والقيمة السوقية، خاصة في الشركات المملوكة للدولة.
تركز على قطاعي الطاقة والبنوك، وتشهد تطورًا مستمرًا في بنيتها التقنية والقانونية، مما يعكس رغبة الصين في تحرير سوقها المالي تدريجيًا وجذب الاستثمارات الأجنبية. ومع أن البورصة لا تزال تحت رقابة حكومية صارمة، إلا أنها تُعتبر مؤشرًا مهمًا لقياس النمو الاقتصادي في الصين.
تُعد بورصة هونغ كونغ واحدة من المراكز المالية العالمية الرائدة، وهي نقطة الوصل بين الأسواق الصينية والأسواق الدولية. تأسست بشكلها الحالي عام 2000 بعد سلسلة من الاندماجات.
تستضيف العديد من الشركات الصينية الكبرى التي ترغب في الوصول إلى رؤوس الأموال العالمية دون المرور بالإجراءات الصينية المعقدة، كما تُدرج فيها شركات أجنبية تستخدم السوق كمنصة للوصول إلى المستثمر الآسيوي. وتمثل البورصة عنصرًا مهمًا في الاستراتيجية الصينية للانفتاح المالي.
من أقدم البورصات العالمية، حيث تعود جذورها إلى القرن السابع عشر، وتُعد المركز المالي لأوروبا والعالم. و تُدرج فيها آلاف الشركات من أكثر من 60 دولة، مما يمنحها طابعًا دوليًا فريدًا.
تُعرف بتشغيلها لمؤشر فوتسي 100 الذي يضم أكبر الشركات البريطانية. وتُعتبر منصة تمويل رئيسية لشركات النفط والغاز، والمؤسسات المالية الكبرى، خصوصًا في ظل وجود بنية تشريعية متقدمة وشفافية عالية.
هي بورصة أوروبية موحدة تضم عدة أسواق مالية في دول مثل فرنسا، هولندا، بلجيكا، والبرتغال. تأسست بورصة يورونكست Euronext عام 2000 بهدف توحيد السوق الأوروبي وزيادة الكفاءة في التداولات.
تُدرج فيها شركات متعددة الجنسيات في قطاعات متنوعة مثل الصناعة والتأمين والسلع الاستهلاكية. ويُعد مؤشر "يورونكست 100" من المؤشرات المهمة التي يستخدمها المستثمرون لتتبع أداء الاقتصاد الأوروبي.
ثاني أكبر بورصة في الصين بعد بورصة شنغهاي، وتقع في مدينة شنتشن القريبة من هونغ كونغ، والتي تُعد مركزًا صناعيًا وتقنيًا مهمًا.
تتميّز هذه البورصة بتركيزها على الشركات المتوسطة والصغيرة، وخصوصًا الشركات الابتكارية في مجالات التكنولوجيا والصناعة. وتُعرف بمؤشر ChiNext، الذي يُقارن في بعض الأحيان بمؤشر ناسداك من حيث استهدافه للشركات سريعة النمو.
البورصة الرئيسية في كندا ومقرها في مدينة تورنتو، وتُعد البوابة الاقتصادية للاستثمار في موارد كندا الطبيعية مثل الذهب، النفط، والغاز.
تُدرج فيها شركات ضخمة تعمل في مجالات التعدين والطاقة، إضافة إلى بنوك كندية كبرى. كما تستقطب اهتمام المستثمرين الذين يبحثون عن استقرار سياسي واقتصادي طويل الأجل في السوق الكندية.
هي السوق المالي الرئيسي في ألمانيا، وتديرها شركة دويتشه بورس التي تشرف على مجموعة من الأنشطة المالية، من بينها مؤشر داكس الشهير.
تُعرف هذه البورصة بدقتها التنظيمية وكفاءتها العالية، وتُدرج شركات ألمانية رائدة مثل بي إم دبليو و سيمنز، و دويتشه بنك. وتُعد مركزًا محوريًا للأسواق المالية في أوروبا القارية، ووجهة مفضلة للمستثمرين الدوليين الباحثين عن الجودة والشفافية.
تعد بورصات الخليج العربي من أبرز أسواق المال في المنطقة، و تؤثر هذه البورصات بشكل مباشر على الحركة الاقتصادية في المنطقة، حيث تعتبر مرآة للأداء الاقتصادي العام. فعند ازدهار الأسواق الخليجية، ينعكس ذلك على ثقة المستثمرين المحليين والدوليين في الاقتصاد العربي ككل ومن أبرز بورصات العالم العربي ما يلي:
البورصة المصرية هي السوق المالي الرسمي في مصر لتداول الأسهم والسندات والأوراق المالية. تأسست منذ أكثر من 100 عام، وتضم العديد من الشركات الكبرى من مختلف القطاعات مثل البنوك، العقارات، والصناعة.
تعمل البورصة المصرية تحت إشراف الهيئة العامة للرقابة المالية، وتُعد مؤشر EGX30 من أبرز مؤشرات الأداء التي تتابع أداء أكبر 30 شركة مدرجة من حيث السيولة والنشاط. تهدف البورصة إلى جذب الاستثمارات وتحقيق الشفافية في تداول الأوراق المالية داخل السوق المصري.
بورصة عمّان، أو ما تعرف بـ "سوق عمان المالي"، هي السوق الرسمي لتداول الأوراق المالية في المملكة الأردنية الهاشمية. تأسست عام 1999 وتُدار من قبل هيئة الأوراق المالية الأردنية.
تُتيح البورصة تداول الأسهم، السندات، والصكوك، وتتميز بتطبيقها لأنظمة إلكترونية حديثة لضمان كفاءة وعدالة التداول. و يعد مؤشر ASE المؤشر العام لقياس أداء السوق، ويضم مجموعة من الشركات الأردنية في قطاعات مثل البنوك، الخدمات، والصناعة.
أكبر بورصة في العالم العربي هي السوق المالية السعودية "تداول"، وهي تُعد الأضخم من حيث القيمة السوقية وعدد الشركات المدرجة. تأسست تداول عام 2007 كمؤسسة رسمية لتنظيم عمليات التداول في المملكة، وتُشرف عليها هيئة السوق المالية السعودية.
تُعتبر تداول الأهم في العالم العربي لأنها تضم أكبر الشركات من حيث القيمة السوقية، وعلى رأسها شركة أرامكو السعودية، التي تُعد من أضخم شركات النفط في العالم. إدراج أرامكو في السوق عام 2019 ساهم بشكل كبير في رفع حجم السيولة وجذب الأنظار العالمية للسوق السعودي.
إضافة إلى ذلك، شهدت بورصة تداول تطورًا ملحوظًا في السنوات الأخيرة، حيث أصبحت أكثر انفتاحًا على المستثمرين الأجانب، وتم إدراجها في مؤشرات عالمية مثل MSCI وFTSE Russell، مما يعزز مكانتها كأهم مركز مالي في المنطقة العربية.
من خلال الجدول التالي نوضح مقارنة بين أهم البورصات في العالم من حيث عدد الشركات المدرجة:
الترتيب | اسم البورصة | الدولة | عدد الشركات المدرجة بالتقريب |
1 | بورصة طوكيو TSE | اليابان | 3,700+ |
2 | بورصة نازداك Nasdaq | الولايات المتحدة | 3,500+ |
3 | بورصة نيويورك NYSE | الولايات المتحدة | 2,400+ |
4 | بورصة شنغهاي | الصين | 2,100+ |
5 | بورصة لندن (LSE | المملكة المتحدة | 1,900+ |
الاستثمار في البورصات العالمية يتيح فرصًا كبيرة لتنمية المال من خلال شراء أسهم وشهادات استثمار في أسواق مثل نيويورك وناسداك. وهو مناسب لمن يسعى لتنويع دخله خارج السوق المحلي.
و من مزاياه تقليل المخاطر عبر التنويع الجغرافي والقطاعي، لكنه يتطلب فهمًا للسوق العالمي وتحليلًا دقيقًا للأحداث الاقتصادية والسياسية، بالإضافة إلى متابعة أسعار العملات.
يمكن الاستثمار في البورصات العالمية من داخل بلدك من خلال طريقتين أساسيتين وهما:
الاستثمار في البورصات العالمية من خلال عقود الفروقات CFDs يتيح للمستثمرين فرصة الوصول إلى الأسواق العالمية و التداول على أسعار الأصول دون امتلاكها فعليًا مثل الأسهم أو السلع أو المؤشرات. و هذا النوع من الاستثمار يعتمد على التغير في سعر الأصل، حيث يحقق المستثمر الربح أو الخسارة بناءً على الفرق بين سعر الدخول وسعر الخروج من الصفقة.
من أبرز مزايا عقود الفروقات أنها تمكن المستثمر من التداول بالرافعة المالية، أي استثمار مبلغ صغير للتحكم في قيمة أكبر من الأصل. هذا يزيد من فرص الأرباح، لكنه بالمقابل يرفع من مستوى المخاطر. كما أن CFDs تتيح التداول في الاتجاهين؛ أي يمكن الربح سواء عند صعود السعر أو هبوطه، ما يجعلها جذابة في الأسواق المتقلبة.
تُتيح البورصات العالمية مثل بورصة نيويورك وناسداك وغيرها فرصة التداول للمستثمرين من مختلف دول العالم، وليس فقط للمقيمين في البلدان التي توجد فيها هذه الأسواق مثل الولايات المتحدة. فالتكنولوجيا المالية وتطور أنظمة التداول عبر الإنترنت سهّلا الوصول إلى الأسواق العالمية من أي مكان في العالم، بما في ذلك الدول العربية.
لكن من الناحية العملية، لا يمكن للمستثمر العربي فتح حساب تداول مباشر في معظم هذه البورصات دون المرور عبر شركات وساطة مالية معتمدة. لذلك يُعد الحل الأنسب هو التعامل مع شركات تداول موثوقة تقبل العملاء العرب وتوفر لهم إمكانية الوصول إلى الأسواق العالمية مثل شركة إكسنس و أفاتريد.
توفر هذه الشركات للمستثمرين العرب إمكانية شراء الأسهم، السندات، العملات، والسلع من خلال منصات إلكترونية سهلة الاستخدام، وغالبًا ما تتيح حسابات متوافقة مع الشريعة الإسلامية. وبذلك يصبح الاستثمار في البورصات العالمية خيارًا متاحًا وفعّالًا دون الحاجة للسفر أو الإقامة في بلد أجنبي.
نعم، يمكن الاستثمار في البورصة عن طريق البنك في بعض الدول، لكن ذلك يختلف حسب النظام المالي والقانوني في كل بلد. ففي بعض الدول، توفر البنوك خدمات استثمارية مباشرة مثل فتح محافظ أسهم أو الاشتراك في صناديق استثمار مدارة، بينما في دول أخرى، يتم الاستثمار من خلال شركات الوساطة فقط.
على سبيل المثال، في السعودية، يمكن للمواطنين والمقيمين الاستثمار في سوق الأسهم بسهولة من خلال البنوك حيث توفر معظم البنوك السعودية الكبرى مثل الراجحي والإنماء والأهلي منصات تداول إلكترونية متكاملة، تتيح للمستخدمين شراء وبيع الأسهم المحلية وربما بعض الأسواق العالمية أيضًا، بالإضافة إلى خدمات تحليلية وتوصيات استثمارية.
أما في مصر، فالوضع مختلف حيث أن البنوك لا تتيح عادةً خدمات تداول الأسهم مباشرة، بل يحتاج المستثمر إلى فتح حساب تداول عبر شركة وساطة معتمدة من الهيئة العامة للرقابة المالية. و يمكن للبنك أن يكون له ذراع استثماري أو شركة تابعة تعمل كوسيط، لكن العميل يتعامل معها كجهة منفصلة، وليس من خلال حسابه البنكي التقليدي.
شهدت البورصات العالمية عبر التاريخ عدة انهيارات كبرى، تسببت في خسائر فادحة وأدت إلى أزمات اقتصادية عالمية واسعة النطاق. وفيما يلي تحليل لأبرز خمسة أحداث من هذه الانهيارات، مع توضيح الأسباب الرئيسية التي أدت إلى كل منها:
يُعد الكساد الكبير من أضخم الانهيارات الاقتصادية في التاريخ الحديث، وبدأ بانهيار سوق الأسهم الأمريكية في أكتوبر 1929، فيما يُعرف بـ "الخميس الأسود". خلال سنوات العشرينات حيث كان الأفراد يشترون الأسهم بقروض و توقعات غير واقعية بالأرباح. وعندما بدأت الأسعار بالتراجع، حصلت موجة بيع جماعي تسبب في انهيار السوق.
و السبب الجوهري للكساد كان المضاربات المفرطة اضافة الى ضعف النظام المصرفي، وغياب الرقابة الفعالة. هذا الانهيار لم يقتصر على البورصة فقط، بل أدى إلى أزمة اقتصادية استمرت لسنوات، انهارت فيها بنوك، أُغلقت مصانع، وارتفعت معدلات البطالة بشكل كارثي حول العالم.
في 19 أكتوبر 1987، سجل مؤشر "داو جونز" الصناعي انخفاضًا حادًا بنسبة 22.6% في يوم واحد فقط، وهو أكبر هبوط يومي في تاريخ الأسواق الأمريكية. جاء هذا الانهيار بشكل مفاجئ دون أحداث اقتصادية واضحة، مما أثار الذعر في الأسواق العالمية.
التحليلات أرجعت السبب إلى الاعتماد على أنظمة التداول الآلي، التي كانت تفعل أوامر البيع تلقائيًا بمجرد انخفاض الأسعار، مما فاقم الانهيار بسرعة. كما ساهم القلق من ارتفاع أسعار الفائدة والشكوك في أداء الاقتصاد الأمريكي في زيادة حالة الهلع بين المستثمرين. ورغم ضخامة الحدث، تعافت الأسواق بسرعة نسبية خلال العام التالي.
خلال أواخر التسعينات، شهد العالم طفرة كبيرة في شركات التكنولوجيا والإنترنت، حيث كانت الاستثمارات تتدفق نحو أي شركة تحمل "دوت كوم" في اسمها. ارتفعت أسهم هذه الشركات إلى مستويات غير واقعية رغم أن معظمها لم يكن يحقق أرباحًا فعلية.
في مارس 2000، بدأ المستثمرون يدركون أن هذه التقييمات غير مستدامة، فبدأت عمليات بيع ضخمة أدت إلى انهيار أسهم شركات التكنولوجيا. و اختفت مئات الشركات من السوق، وفقد مؤشر "ناسداك" أكثر من 70% من قيمته خلال ثلاث سنوات. كان الدرس الأساسي هو خطورة الاستثمار في الأصول بدون أساس اقتصادي حقيقي.
بدأت هذه الأزمة في سوق العقارات الأمريكية، حيث قامت البنوك بمنح قروض عقارية دون التحقق من قدرة المقترضين على السداد، مستفيدة من ارتفاع أسعار العقارات. وعندما بدأ السوق يتراجع، تعثر الملايين عن السداد، ما أدى إلى خسائر ضخمة للمؤسسات المالية.
انهارت مؤسسات كبرى مثل "ليمان براذرز"، وتجمدت الأسواق الائتمانية، مما أثر على الاقتصاد العالمي بأكمله. السبب الرئيسي كان الجشع المالي، ضعف الرقابة، والاعتماد المفرط على المشتقات المالية المعقدة. استدعت الأزمة تدخلًا حكوميًا ضخمًا لتجنب انهيار كامل للنظام المالي العالمي.
مع تفشي فيروس كورونا عالميًا في مارس 2020، دخلت الأسواق المالية حالة من الذعر الشديد، حيث فقدت البورصات العالمية تريليونات الدولارات في أيام معدودة. توقف النشاط الاقتصادي، أُغلقت الحدود والمصانع، وتراجعت أسعار النفط بشكل تاريخي.
كان الخوف من ركود اقتصادي عالمي السبب الرئيسي في هذا الانهيار المفاجئ. لكن مع الوقت، بدأت الحكومات والبنوك المركزية بضخ حزم دعم مالية هائلة وتحفيزات نقدية، مما ساعد الأسواق على التعافي خلال وقت قياسي، خاصة أسواق التكنولوجيا والرعاية الصحية.
حجم تداول شهري يقوق 4.5 تريليون دولار.